كتب- محمد بدر:
نستعرض في هذا المقال عمل سينمائي إيراني عنوانه بالإنجليزية «تو اند تو» او بالفارسي «دو با دو» او بالعربية «اثنان واثنان» انتاج عام (2011) وهو فيلم قصير مدته ثمان دقائق ينتمي موضوعه الى نوعية الدراما السياسية، ووفقا لنوعه الإنتاجي ينتمي الى مجال الأفلام الناطقة القصيرة جدا، والتي يستقبلها المتلقي بإحساسه وينفعل معها ويتعمق في معانيها من خلال أداء ابطاله ورؤية مخرجه باباك أنفاري.
والفيلم القصير هو فيلم ذو مدة عرض قصيرة، وتُعرّف أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة الامريكية (AMPAS) الفيلم القصير بأنه "فيلم سينمائي أصلي لا تتجاوز مدة عرضه ٤٠ دقيقة شاملةً جميع التترات". ومنذ عدة سنوات، بدأ يطلق اسم «فيلم قصير جدا» على الأفلام التجريبية الطليعية التي لا تتجاوز مدتها (من دقيقة إلى عشر دقائق)، وخصصت منافسات لها مثل مهرجان «في إس فيلم» للأفلام القصيرة جدا.
تدور فكرة الفيلم حول الثوابت والمسلمات وما تعلمته عبر سنوات، ومحاولة البعض تغيير هذه الثوابت لإعادة ارشاد المجتمع وماذا سيحدث حين تقاوم هذا التغيير؟
تحليل السيناريو:
الفيلم مستلهم بشكل ملحوظ من رواية ١٩٨٤ لجورج أورويل، حيث تأثر بمفهوم او عبارة اثنين زائد اثنين يساوي خمسة (2 + 2 = 5) هي شعار استُخدم في الكثير من وسائل الإعلام المختلفة، ولكن العبارة تحديدا وردت في رواية «ألف وتسعمائة وأربعة وثمانون» عام ١٩٤٩ كمثال على دوجما (الجمود الفكري) التي من الواضح خطأها، والمطلوب من كل واحد تصديقها، مثل الشعارات الخاطئة قطعا والتي استعملتها الحكومات الشمولية في الرواية نفسها، وهذه العبارة متناقضة مع عبارة اثنان زائد اثنان يساوي أربعة وهي الحقيقة الواضحة التي لا جدال فيها لكنها غير مجدية سياسيا. واستعمل بطل الرواية «وينستون سميث» هذه العبارة ليتساءل لو أن الدولة أعلنت بأن اثنان زائد اثنان يساوي خمسة حقيقة لا يمكن إنكارها، ويفترض لو أن الجميع صدق هذا فهل سيجعلها ذلك حقيقية؟
ان زمن وشكل السيناريو بالفيلم يتسم بأنه له وقت محدد يدور بين الساعة الثامنة صباحا ويسير في خط مستقيم من خلال تصاعد احداثه وترتيبها لكن لم نعرف العصر الذي يعيش فيه هؤلاء الابطال لكننا عرفنا من لغتهم انهم إيرانيين.
وقد طبق فيلم «اثنان واثنان» بعض من سمات الفيلم القصير المتمثلة في:
1- الاقتصاد: سواء في التفاصيل، او الشخصيات حيث لدينا: شخصية محورية هي التلميذ المتمرد، وشخصية رئيسية هي خصمه او ظله الشرير وهو الأستاذ، وشخصيات مساعدة ومنهم: المحفز وهو الطالب المعترض الأول، ومنهم المناقض وهم المتضررين من الاعتراض، ومنهم حراس البوابة وهم افراد الشرطة المدرسية الذي واجههم، وشخصيات ثانوية وهم باقي الطلاب الصامتين.
2- البساطة: من خلال التركيز على حبكة واحدة او حدث محفز واحد وهو إجابة المعادلة الخطأ ومحاولة تغيرها.
3- قلة التكلفة الإنتاجية: حيث ان الفيلم تم تصويره في موقع تصوير واحد فقط بديكورات بسيطة غير مكلفة على الصعيد الإنتاجي سواء في بريطانيا او إيران.
تحليل ملامح الشخصيات:
1- الأستاذ: وهو في سن الاربعين قاتم الوجه قصير الشعر يرتدي بدلة رسمية تعكس البعد النفسي لديه اما عن البعد الاجتماعي فلا يوجد في يده دبلة زواج، ولكن يرتدي ساعة كلاسيكية فضية بحزام جلد مما يعكس انه من طبقة متوسطة ويأخذ اجر جيد مقابل تنفيذ أوامر رؤساؤه وشخصيته ككل لم تطور منذ ان ظهرت حتى انتهاء الفيلم.
2- اثنان من الطلاب المعترضين: هما في سن ما بين 10 و 15 سنة وهو سن الصبي المميز القاصر، من حيث الشكل فهما ذوي شعر طويل ولكن الخائف منهما غير مهندم ام الذي تمرد فهو مصفف جيدا والبعد الاجتماعي لهما كذلك من طبقة متوسطة لكنهما يختلفان في البعد النفسي حيث ان الأول قرر الاعتراض على الإجابة ولكن الأستاذ وبخه فاستجاب وخضع نتيجة جبنه ام الثاني اعترض وواجه الأستاذ وثار في زملاءه لكي يقفوا معه ولكنه تمرد بمفرده ولقى حتفه وهنا نجد ان الأول بدأ بشكل إيجابي وتطورت شخصيته في نفس المشهد الى ان تحول الى سلبي بعكس الثاني الذي تشجع هو الاخر بالاعتراض واستمر على موقفه حتى النهاية.
3- اثنان من الطلاب الموالين: وهما من حيث الشكل مثل باقي الطلاب، ولكن جسمانيا اقل في الحجم، و نفسيا كل ما يهمهما رضاء الأستاذ وعدم ازعاجه بالاعتراض وجلب العقاب لهما ولم يحدث أي تطور في شخصياتهما.
4- ثلاثة طلاب شرطيين: وهم في سنة ما بين 15 و18 وهو سن الصبي البالغ ما ينعكس في شكلهم وطولهم، اما البعد الاجتماعي فمماثل لباقي طلاب المدرسة اما البعد النفسي فيظهر جليا من انسياقهم وراء كلام الأستاذة والمديرين بدليل تفوقهم وتحملهم مسؤولية الشرطة المدرسية وقد حدث تطور في شخصياتهم فهم في البداية كانوا مثال لطلاب المتفوقين ومع تصاعد الاحداث تحولوا الى جنود مأجورين وقتلوا زميلهم بدم بارد.
البناء الدرامي للفيلم:
تمثل في فصلين:
1- فصل البداية: استغرق مدته دقيقتين.
2- فصل التصاعد والذروة والنهاية المفتوحة: واستغرق مدته ست دقائق.
الحبكة:
الفصل الأول:
يبدأ الفيلم بلقطة قريبة على سبورة فصل في مدرسة ما، بها تلاميذ كلهم من الصبية 11 ولدا، ومع ابتعاد الكاميرا للخلف عبر زووم مفتوح، يدخل الأستاذ الى الفصل ليقف التلاميذ احتراما له وقبل ان يجلسوا يثبتهم الأستاذ وقوفا انتظارا لكلمة من مدير المدرسة عبر سماعات صغيرة مثبتة بجوار السبورة، ويعلن المدير عن تغييرات في دروس ومقررات اليوم وعليهم الانصات لكلام الأستاذ ثم يجلسون لبدء الحصة ليكتب الاستاذ على السبورة معادلة حسابية هي: اثنين زائد اثنين يساوي خمسة ليثير ذلك همهمة بين الطلاب لان المعادلة غير صحيحة.
الفصل الثاني:
يسكت الأستاذ الطلاب ويحاول الحفاظ على انضباطهم ويعيد عليهم الدرس اكثر من مرة ويكرروا وراءه بصوت عال ليقاطعه احد التلاميذ على يمينه بانه أعاد حساب المعادلة وفكر انها لا تساوي خمسة، ليقول له الأستاذ: لا تفكر، ويطالبهم بفتح الكراريس وكتابة المعادلة الجديدة، فيقاطعه طالب اخر من على يساره ليقول له ان المعادلة غير ممكنة بهذا الشكل، فيطالبه الأستاذ بتكرار المعادلة كما هي مكتوبة لكنه يتمرد على ذلك ويوجه الطالب كلامه لزملائه: ان حاصل جمع اثنين واثنين هو أربعة وليس خمسة، ويعنفه الأستاذ ويطلب منه ان يسكت، ويخرج الأستاذ ليستعين بطلب مساعدة من اخرين، ويوبخه طالب ثالث في الفصل عما فعله تجاه المدرس والذي سيعود عليهم بالضرر جميعا ويهدده طالب رابع بان الاستاذ سيقتله، ليدخل بعدها الأستاذ بصحبة ثلاثة من الشرطة المدرسية وافضل طلابها واكبر سنا من الجالسين بالفصل ، ويقول لهم ان هذا الطالب يعتقد انه يعرف اكثر مني ويسأله عن نتيجة المعادلة ليجاوب امامهم انها أربعة، فيسال الأستاذ طلاب الشرطة على نفس المعادلة فيجيبوا ان حاصل الجمع هو خمسة ، فيطلب الأستاذ من التلميذ ان يتقدم نحو السبورة ويمسح الإجابة المكتوبة ويوجه الطالب للإجابة عليها بنفسه كتابة وقبل ان يأخذ الطبشورة من الأستاذ ويبلع ريقه يوجه افراد الشرطة المدرسية بشكل تخيلي أسلحتهم نحوه استعدادا لإطلاق النار الافتراضي ويقول له الأستاذ هذه فرصتك الأخيرة ليأخذ الطالب المتمرد الطبشورة منه ثم ينظر نظرة للخلف الى: باقي الطلاب وافراد الشرطة، ويقرر كتابة رقم أربعة محل الاجابة ويلتف مستعدا لمواجهة خطر الموت او الإعدام، ليطلق عليه بالفعل افراد الشرطة النار ويطرطش دم الطالب على السبورة وعلى المعادلة والنتيجة، وينظر باقي الطلبة الى صديقهم ليتأكدوا من انه سقط ارضا، وهم في حالة ذهول، ليسألهم الأستاذ هل هناك احد اخر لم يفهم الدرس وتحديدا الطالب الأول الذي بادر بالتحفظ على الإجابة، ثم يحمل افراد الشرطة الجثة ويخرجوا من الفصل ويمسح الأستاذ المعادلة واثار الدماء من على السبورة ليكتب المعادلة من جديد واجابتها خمسة بحجم اكبر ، ويطلب من التلاميذ كتابتها في الكراسات مرة أخرى، وفي النهاية تأتي الكاميرا على كراسة أحدهم وهو يكتب المعادلة وبعد لحظات يقرر ان الإجابة خطا فيشطب على رقم خمسة ويضع مكانها أربعة.
تحليل الحوار:
ادى الحوار دورا هاما وهو معرفة نوعية الفيلم وطريقة عرضه من خلال التعبير الخيالي عن موضوعه، ثم دفع الحوار الحبكة نحو الذروة، وكان للحوار دور اخر مكمل للصورة السينمائية سواء بالإسهاب اثناء توبيخ التلميذ المتمرد لزملائه ليقاوموا، ثم بالتلميح او عدم القول حينما نظر لهم قبل ان يقرر الدفاع عن رأيه ويكتب الإجابة الصحيحة من وجهة نظره.
لا يعتمد الفيلم على فكرة الراوي فيستطرد الاحداث من خلال شخصياته مباشرة، اما عن مستوى الحوار جاء ملائم للشخصيات سواء الأستاذ المتعجرف او مدير المدرسة او الطلاب كل حسب شخصيته ما بين المعترض الخائف والمتمرد الشجاع وبين البلهاء والخاضعين.
ومن أفضل الجمل الحوارية في الفيلم كانت على لسان الاستاذ: " لا تفكر.. انت لست في حاجة الى التفكير" وكأن المؤلف والمخرج يريد ان يقول للطلاب او للشعب: اسمع وانت ساكت.
الصراع:
في هذا الفيلم نجد ان هناك صراع ظاهري بين شخصيتين هما: التلميذ المتمرد والأستاذ، من اجل معرفة إجابة سؤال الحبكة وهو: ما حاصل جمع اثنين واثنين؟، والذي يرغب الاستاذ في تعليم الطلاب معادلة حسابية جديدة غير المسلم بها، وهذان الشخصان نستطيع القول انهما يمثلان صراعا اشمل وهو السلطة الحاكمة والشعب وهو ما يعكس نوع من الاستبداد لدى السلطة التي تحاول غرس الافكار في عقول المواطنين بالقوة، لكننا نجد في اللقطة الأخيرة من الفيلم ان المسالة لم تنتهي وان هناك من سيعترض ويتمرد مرة أخرى على الإجابة الجديدة ومازال مقتنع بالمسلمات وما اكده موت زميله امامه بأن الإجابة هي أربعة وليست خمسة.
تحليل المشهد الرئيسي او الماستر سين:
يسبق المشهد الرئيسي مشهد سابق يمهد له وهو مشهد بين التلميذ المعترض والأستاذ والذي يخضعه الأستاذ الى كلامه فيصمت ويجلس دون اعتراض.
لنصل للمشهد الرئيسي الذي جمع بين التلميذ المتمرد -عكس التلميذ السابق- والأستاذ، وهذا المشهد هو ذروة احداث الفيلم حين يعترض التلميذ على نتيجة المعادلة الحسابية ويسكته الأستاذ، ولكن المشهد يتطور من خلال مقاومة التلميذ لذلك ويحاول شرح وجهة نظره لباقي الطلاب، ولكن يجبره الأستاذ على الصمت، وقول التلميذ الرابع للتلميذ المتمرد ان الأستاذ سيقتلك بعد توبيخه -يعني انه ربما تكرر هذا الموقف برمته قبل ذلك خاصة وان عدد الطلاب الموجودين اقل من أماكن الديسكات المتاحة بالفصل؟ -
ويخرج الأستاذ ليجلب له افراد الشرطة المدرسية المتفوقين ليحاول إقناعه، ولكن النتيجة تكون بعدم تغيير موقفه واصراره على كتابة الإجابة الصحيحة من وجهة نظره فيتم قتله.
المشهد اللاحق له هو مسح الأستاذ للمعادلة واثار الدماء من على السبورة وكأنها مرحلة وولت بلا رجعة، لنبدأ مرحلة جديدة بكتابة المعادلة مرة أخرى وبالإجابة الخطأ.
تحليل المونتاج:
نظرا لنوع الفيلم فهو يتسم بإيقاع سريع وهو ملائم لمدة الفيلم ولموضوعه حيث استعرض الاحداث في تتالي، واستخدم القطع الحاد بين مشاهده خاصة مشاهد المواجهة والقتل واستخدم المونتير مؤثرات صوتية خاصة اثناء رفع البنادق او بعد إطلاق النار، علاوة على استخدام نقلات بين المشاهد ومنها مشهد طرطشة الدماء على السبورة.
عتبات الفيلم:
كتب عنوان الفيلم في البداية بتأثير الطباشير خاصة وانه بدا بصورة للسبورة ونظرا لان الفيلم باللغة الفارسية فصحب الفيلم ترجمة إنجليزية متوفرة طوال الاحداث أسفل الشاشة، اما عن أسماء فريق العمل فتم كتابتها في اخر الفيلم.
تحليل الصوت:
فيما يتعلق بنبرة الحوار فكانت ملائمة للشخصيات فالطالب المعترض الأول كان هادئ مما عكس انطوائيته اما الطالب المتمرد فكان حازم ثم حاد في اعتراضه ثم هدئ مجبرا، اما الأستاذ فعمل على تغيير نبرة صوته في اول مرحلة لشرح المعادلة الجديدة ثم بلهجة التهديد، ثم الترغيب، ثم بعد الإعدام وهو فخور بما فعل ومعاودا الكرة من جديد في شرح المعادلة والطلاب تردد خلفه.
ولم يتطرق المخرج الى أصوات من البيئة المحيطة بالفصل الدراسي وكأنه معزول رغم انه في بداية الفيلم استخدم أصوات عشوائية من الطلاب وهم يتهامسون فيما بينهم قبل بداية الحصة.
واستخدم المخرج المؤثرات الصوتية اثناء لقطة ضرب النار وكأنه يصطاد طيرا ولحظة طرطشة الدماء على السبورة تماثل لحظة اختراق السهم او الرش او الطلقة جسد الطائر وسقوطه من السماء، ويعقبها مباشرة صوت صفير جهاز القلب بالمستشفيات ليؤكد لنا انه مات، مما يعكس رؤية المخرج ويقول لنا انهم قتلوا الحرية.. قتلوا الرأي والفكر.
وقد وظف المخرج لحظة الصمت بعد اعدام التلميذ المتمرد في نظرات باقي الطلاب وهم في حيرة من امرهم، هل كان يستحق ذلك هل أخطأ في معارضة الأستاذ هل أخطأ في حساب المعادلة، كلها أسئلة لاحت في ذهن زملائه وفي ذهني في ثواني معدودة بعد صوت صفارة الموت والسكوت التام.
ولم يستعن المخرج بموسيقى تصويرية كخلفية للفيلم او لحدث ما، ولكنه اختتم الفيلم بموسيقى طفولية مع ظهور تتر النهاية ويدخل عليها عزف اخر مصاحب رومانسي هادئ على آلة الكمان وفي الخلفية منهما آلات مارش عسكري متقطعة مما يعكس مدى بطش السلطة العسكرية وقتلهم الطفولة البريئة.
تحليل الديكور والاكسسوار:
تم تصوير الفيلم في فصل مدرسي، عبارة عن : باب الفصل من الخارج لونه ابيض باهت مصفر ومن الداخل دهانه اسود، والحيطان رمادية وعليها خريطة ملونة لقارة اوروبا والبحر المتوسط ، سبورة سوداء وسماعة بلون فيراني غامق و ديسكات زوجية للطلاب، شماعة للمعاطف في الخلفية عليها معطفين فقط لا ندري لمن هما!، و شبابيك الفصل عالية وكأنها سجن يصعب الهروب منه بدون اقفال او استخدمها للإنارة فقط وليست للتهوية، وهناك طباشير للكتابة وكراسات واقلام رصاص، وكتب الأستاذ ولعبة الوقت الخشبية لعد الساعات او الحصص او القتلى، ومروحة صغيرة على مكتب الأستاذ وخلفهم كرسي اسود له، وعلى جانب الفصل الشرقي هناك دفاية زيت متهالكة.
وقد أثر تكوين الصورة بهذا الشكل على شخصيات الفيلم من حيث طبيعتهم الهادئة المنكسرة مثلهم مثل دهان الحياط المشقق والباب المتأكل والخشب المسوس، فالكل يحتاج الى اصلاح.
وفيما يتعلق بالأزياء والمكياج والشعر: فيرتدي الابطال جميعهم قمصان بيضاء على بناطيل سوداء وفي الخلف شماعات للمعاطف عليها معاطف سوداء، والأستاذ يرتدي بدلة سوداء وساعة بحزام اسود ، كل القمصان مغلقة جميع الازرار حتى العنق وهو تقليد في الملبس الإيراني اما افراد الشرطة المدرسية فكانت اذرعهم مزينة بشريط احمر لتمييزهم ، ولم يحدث أي تطور في هذه الأزياء على مدار الفيلم وهي ملائمة لطبيعته ، اما عن المكياج فكان هادئ وغير مبالغ فيه، والشعر لاحظنا ان بعض الطلاب كان شعره كثيف وطويل والبعض الاخر قصير اما الأستاذ فكان مقصر لشعره جدا لكنه تارك شعر ذقنه وهو دلالة على امرين الأول انه محافظ ويترك لحيته او انه ليس لديه ما يحلق من اجله فهو مأمور وليس حرا.
تحليل التصوير والاخراج:
كل الفيلم مصور داخلي في غرفة، والإضاءة كانت من جهة جنوب الفصل رغم ان الشبابيك في جهة الغرب واستفاد المخرج من ذلك في تقسيم وجه الأستاذ الى نصف مضاء وهو الايمين والى نصف معتم وهو الايسر قبالة السبورة حين وقف في مواجهة التلميذ المتمرد ليجيب على المعادلة
واستفاد المخرج من حركة الكاميرا منذ بداية الفيلم مع فتح الكادر من داخل السبورة ليتسع متراجعا للخلف الى جنوب الفصل ومع لحظة توقفه يدخل الأستاذ للفصل لتبدأ الحصة ويبدأ الفيلم معه،
واختار المخرج ان يستخدم زوايا البصر الطبيعية للكاميرا مستخدما لقطة تأسيسية ضيقة وليست واسعة بدأها من السبورة باستخدام عدسة بخاصية الزووم لتغيير البعد البؤري، واستخدم زاوية «لو انجل» من تحت في لقطة سماعة المدير ومعظم لقطات الاستاذ للتعظيم، وعلى العكس استخدم زاوية «توب انجل» من فوق في لقطة الطلاب للتقليل منهم، وكذلك استخدام مفهوم الفوكس عبر فلاتر او مرشحات للتركيز على الشخص الذي يتكلم دون الاخر.
واستخدام عدسات البرايم ذات الطول البؤري الثابت في التنويع بين اللقطات العامة «لونج شوت» و«الميديام لونج» فوق الفخذ باستخدام العدسات الوايد انجل، واللقطات «الميديام شوت» فوق السرة لشخص واحد ولشخصين ولثلاثة شخوص في نفس الكادر وكذلك اللقطات «الميديام كلوس اب» فوق الصدر و«الامورس» من ظهر الكتف باستخدام العدسات الاستاندر، بالإضافة الى لقطات «الكلوز اب» الضيقة لتصوير السماعة والاجابة رقم خمسة والاجابة رقم أربعة والدماء على السبورة والمعادلة في كراسة الطالب الأخير وتعبيرات وجه الأستاذ والتلميذ المتمرد.
وقد نوع المخرج في كادراته ليبرز لنا نظرات التلاميذ والأستاذ خاصة في مشهد المواجهة لنجد نظرة ترقب وامل الأستاذ الى تغيير فكر التلميذ العنيد قبل كتابته الاجابة على السبورة، في مواجهة نظرة التلميذ للأستاذ ولأفراد الشرطة المدرسية وباقي زملاؤه، قبل ان يقرر الدوران لكتابة الإجابة واتخذ قراره بأن يكتب ما هو مؤمن به ويلتفت مرة أخرى لهم بكل ثقة لمواجهتهم، كل ذلك مقابل نظرة رفيقه بالديسك وزميله في الديسك المواجه وهي نظرات حصرة وشعور بالضياع وفقد زميلهم واستسلامهم للإجابة الجديدة.
واستخدم المخرج بالته ألوان تنوعت بين: الرمادي والأبيض والأسود وهي ألوان محايدة كلا منها له دلالة؛ فاللون الرمادي يمثل 60 % من المشهد يعكس الشعور المحافظ لدى الطلاب واللون الأبيض يمثل 30% من المشهد يمثل الطهارة والسكينة، واللون الأسود الداكن يمثل 10% من المشهد يمثل الخطيئة والموت والخشونة لدى الأستاذ وما تسبب به من اعدام التلميذ المتمرد.
ونستطيع القول ان المخرج اجاد في اختيار فريق العمل من الممثلين الأطفال وكذلك دور الأستاذ واستطاع ان يقودهم الى أداء احترافي برؤية واضحة لما يريد ان يقوله من خلال دقائق معدودة تحمل رسالة مفادها: "من يقاتل من أجل الحقيقة يترك أثرًا بالتأكيد" فقد يموت الإنسان، ولكن أفكاره لا تموت!! وهو ما حدث مع بطل الفيلم التلميذ المتمرد والذي اثر في تلميذ اخر وقرر ان يمحو رقم 5 وكتب بدلا منه رقم 4 لأننا نسلم بأن 2+2= 4.
الجدير بالذكر ان فيلم «اثنان واثنان» هو انتاج بريطاني باللغة الفارسية من شركتي: فليك ارت برودكشن و باباك انفاري فيلم، للمنتيجن: باباك أنفاري و كيت فريزر، وهو بطولة: بيجان دانشمند – في دور الأستاذ، رافي كريمي - الطالب المتمرد ، بويان لطفي - الطالب المعارض، كوروش شيرازي – الشرطي الأول ، دانيال شريعتمداري – الشرطي الثاني، سيد الصفاري- الشرطي الثالث، أمير باشا جعفر زاده - الطالب ٣، بارسا اية الله – الطالب 4، تأليف: باباك أنفاري وغافن كولين، ومن إخراج باباك أنفاري.