المجلة - الكاتبة والأديبة حنان بنت حسن الخناني- المدينة المنورة
للتواصل مع الكاتبة
HananHa00500728@
ان تعرض الانسان لأمر ما يسبب له ألم نفسي وهو أحد أنواع الألم غير المرتبط بأي سبب فيزيائي، بسبب خذلان من الآخرين، وشعور الندم، والفقد، والخسارة، أو قد يكون ناتج بسبب مشكلة نفسية، مثل: الاكتئاب، والقلق، بغض النظر عن الأسباب وراء الألم النفسي، فإن الألم يمكن أن يؤثر على الإنسان وحياته بشكل سلبي وقد يمتد لأيام طويلة، فيحزن فنطلق عليه مسمى شخص حزين وعادةً يزول هذا الحزن من تلقاء نفسه خلال أياماً معدودة ولكنه يتحول إلى ألم نفسي شديد عند استمراره لفترات طويلة ويؤدي الى الشعور بالبؤس والعجز، و شبيه بالهم، الأسى، الكآبة، اليأس أي مجموعة مشاعر سلبية تحيط بالإنسان فيصبح الانسان هادئاً، قليل النشاط، منفعلاً عاطفياً وانطوائياً يصاحب الحزن أحياناً البكاء ولكن ليس بالضرورة.
فالحزن عادة يكون مؤقتاً بعكس الاكتئاب فقد يكون مزمناً يمتد لفترات طويلة، ويعرف الحزن في بعض الأحيان بأنه الشعور بعدم الرضى عما يحدث إما لمشاكل أو ظروف خارجة عن إرادة الإنسان تجعله تحت ضغط نفسي، فلا يشعر معه بالراحة ولا بالطمأنينة.
ويمكن للحزن أيضاً أن يكون نبيلًا وخلّاقًا ومبدعًا !!!! في حين أن الفرح قد يكون عدواً للحياة لأنه يضع الأقنعة على حتمية الموت التي تحكم مصير الافراد والجماعات ،وكيف لفرد يدرك حقيقة الموت ألا يحزن؟.. فلا حياة خارج الموت، ولا موت إلا ويصاحبه الحزن، وفناء الحياة يقابله خلود الموت، لذلك فرح الدنيا الثمل لا مكان له أمام شلالات الحزن المتدفقة التي ترفدها كل تراجيديات التاريخ، هو قَدَرُ النفوس النبيلة والعظيمة لأنه إلتحام بالموت قبل الوفاة، والفرح وهمّ لا بد من الخروج منه لولادة الإنسان الناجح، ولا توجد حياة أكثر بؤسًا من تلك التي تجهض الموت والفرح يجهض الموت.
فالحياة هي تلك التي لا تكتفي بمعانقة الموت ومصافحته وإنما تولده في كل لحظة في عدم التهيّب منه، قد نحزن لفراق فينتج بسببه الجرح في القلب، والألم والغصّة لابتعاد أشخاص نحبهم، إعتدنا على وجودهم، رسمنا طريقنا معاً وبنينا أحلامنا، ولكن بلحظة انتهى كل هذا، فرقتنا الأيام أصبحنا وحيدين نعاني من ألم وحزن الفراق، فما أصعب الفراق وما أشد عذابه، لقد استوطن في كهف النبي، وفي صومعة الراهب، وفي مُعْتَزَلِ الفيلسوف، وفي مخدع الشاعر، يسكن الحزن ملتفًّا بدثار الحياة، التي تنبعث حتى من الجماد بقوة الروح المتوقدة التي أكرمت وفادته، اننا نخشى من الحياة التي لا تكرم وفادة الحزن، ولا نستطيع أن نحيا في ظل الفرح الثمل، اننا بحاجة لقليل من (الحزن الراقي ) وسط طوفان الفرح الذي يجتاح المجتمعات والعوالم الواقعية والإفتراضية.
فالعالم بحاجة للحاكم الذي يحزن لآلام شعبه قبل أن يفرح لجلوسه على كرسي عرشه ، والذي يحزن لتقصيره في أمر من أمور رعيته قبل أن يتباهى بإنجازاته التي لا تنتهي، وبحاجة إلى المسؤول الذي يحزنه وجع من يترأسهم والمنكوبين ، فيخلق فيه قوة لا تقهر لإصلاح أوضاعهم وللقيام على أمرهم والعالم بحاجة للانسان الذي يحزن لحال أقاربه الذين غربلتهم الحياة ، فيمد لهم يد العون ، ولا يتوانى عن تقديم لهم كل ما بوسعه لمواساتهم والتخفيف عنهم، إننا بحاجة لمن يعرف الحزن طريقًا إلى قلبه، بحاجة الى إنسان ينتقد نفسه، فيرى تقصيره، فيحزن من أجل ذلك، فيحاول بشكل دؤوب تقديم أفضل ما لديه، ولسنا بحاجة لذلك الإنسان الذي يفرح بما وصل إليه من خير، فيطغى ويبطر ويجحد النعمة، نعم قليلٌ من الحزن في القلوب كفيل بإضفاء أجواء من التراحم والتكافل والتعاضد في المجتمعات، وبالتالي إشاعة السعادة بين كافة الفئات، أما السعي المحموم نحو الفرح المذموم فلا ينتج إلا الإستبداد والطغيان والأنانية، ويحوّل المجتمعات إلى ساحات للتناحر والتباغض والتفاخر والتحاسد، قليلًا من الحزن الراقي أيها الناس، قليلاً من الرقي بالحزن والفرح لكي تسعد الإنسانية .