الغيبة

 

 
 
 
المجلة - الكاتبة والأديبة حنان بنت حسن الخناني

HananHa00500728@

قال تعالى : وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ [ سورة الحجرات: آية 12] . في هذه الآية نهيٌ من الله بعدم الغيبة، فما مفهوم الغيبة ؟

لقد حدد الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه مفهوماً للغيبة بطريقة في التعليم باستخدام السؤال والجواب فقال لهم : 
((
أتدرون ما الغيبة ؟ )) قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : (( ذكرك أخاك بما يكره ))  قيل : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال :
((
إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته )) .

فكل ما يكرهه الإنسان يتناول خُلقه وخَلقه ونسبه وكل ما يخصه وعن عائشة رضي الله عنها قالت قلت للنبي صلى الله عليه وسلم : حسبك من صفية ( زوج النبي صلى الله عليه وسلم ) كذا وكذا تعني أنها قصيرة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته )) حديث حسن صحيح.

 فالغيبة هي شهوة الهدم للآخرين، وهي شهوة النهش في أعراض الناس وكراماتهم وحرماتهم وهم غائبون، إنها دليل على الخسة والجبن؛ لأنها طعن من الخلف، وهي مظهر من مظاهر السلبية ، فإن الغيبة جهد من لا جهد له، وهي معول من معاول الهدم؛ لأن هواة الغيبة قلما يسلم من ألسنتهم أحد بغير طعن ولا تجريح، فلا عجب إذا صورها القرآن الكريم في صورة منفرة للنفوس : وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ  [ سورة الحجرات: آية 12] .

والإنسان يأنف أن يأكل لحم أي إنسان، فكيف إذا كان لحم أخيه ؟ وكيف إذا كان ميتاً وقد ظل النبي صلى الله عليه وسلم يؤكد هذا التصوير القرآني في الأذهان، ويثبته في القلوب كلما لاحت له فرصه لهذا التأكيد والتثبيت.

عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم. فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال : هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ، ويقعون في أعراضهم ! )) رواه أبو داود .

وعن جابر قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فهبت ريح منتنة، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : (( أتدرون ما هذه الريح ؟ هذه ريح الذين يغتابون المؤمنين )) .

فكل هذه النصوص تدلنا على الحرمة الشخصية للفرد في الإسلام، ومن المقرر في الإسلام أن السامع شريك المغتاب، وأن عليه أن ينصر أخاه في غيبته ويرد عنه. وفي الحديث (( من ذب عن عرض أخيه الغيبة كان حقاً على الله أن يعتقه من النار )) رواه أبو أحمد بإسناد حسن.

وإذا لم تكن لك هذه المهمة ولم تستطع رد الألسنة المفترسة عن عرض أخيك المسلم فأقل ما يجب عليك أن تعتزل هذا المجلس وتعرض عن القوم حتى يخوضوا في حديث غيره، وإلا فما أجدرك بقول الله تعالى : إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ [ سورة النساء : آية140] .

عبدالله التهامي
عبدالله التهامي
تعليقات