المجلة - الكاتبة والأديبة حنان بنت حسن الخناني
( إذا استطعت أن تسيطر على غضبك لحظة واحدة ستوفر على نفسك مائة يوم من الندم )
الغضب نار تتأجج فتأكل الأخضر واليابس، ولا يطفئها إلا الماء والوضوء يطفئ الغضب.
والغضب يغيب العقل ويطفئ نوره، وبداية لخسارة كبيرة في حياتنا ولكن من منا يهتم أن يتخلص من هذه الصفة الذميمة التي نهى عنها رسولنا وقال: ( لا تغضب ) كررها مراراً .
فللأسف كثير من البشر يتباهون بهذه الصفة ظناً منهم أنها علامة فارقة تميزهم عن غيرهم وأن فيها من القوة والشجاعة وأن لديهم القدرة على اتخاذ قراراتهم في أي لحظة شاءوا وأنه مركز قوة لهم ولكن للأسف هذا وهم وهراء .
فالشخص الغاضب هو شخص منبوذ غير محبب للآخرين يتجنبه الناس خوفاً من نقاشه العقيم فيتجنبوه تدريجياً حتى يصلوا إلى درجة اللامبالاة من انفعاله ويسخرون منه ويتلامزون من خلفه فلماذا نجعل من أنفسنا وقوداً لهذه النار التي لا ترحم وتشتعل في أي لحظة لتدمر كل من حولنا من أحاسيس ومشاعر ورباطات مقدسة ونجعل من أنفسنا أسرى للحظة الغضب ظناً منا أننا نحافظ على كرامتنا المزعومة فلا علاقة بين الكرامة والغضب.
فلو لاحظنا بعد نوبات من الغضب والانفعال وهدأنا قليلاً لاكتشفنا أننا خسرنا الكثير والكثير من الحب والترابط والألفة والاحترام أيضاً .
وأن الغضب ينهى العلاقات الجميلة .
هل الحياة تستحق كل هذا التوتر وعدم ضبط النفس؟ إن الإيمان بالله وتوحيد العلاقة به وملازمة الذكر يقوي الأعصاب، فلا تتفلت وليشكم النفس الأمارة بالسوء ويهذبها والوضوء المستمر يطفئ الغضب لأنه من الشيطان .
فهل النفس البشرية تتحمل هذه الضربة بسبب لحظة ظلام تأججت فيها نيران الغضب فلم تبق ولم تذر وأطفأت نور العقل وسراجه.
فانظروا أيها الإخوة والأخوات إلى كل من سلم نفسه للحظة غضب فماذا حصد؟!
سأستعرض معكم بعض النتائج السلبية وستستغربون لقولي سلبية وتتسائلون هل للغضب نتيجة إيجابية؟ أقول: نعم، سأتحدث عنها لاحقاً.
فما هي الأضرار المترتبة على الغضب.
الانتحار المؤدي للكفر، الطلاق الذي دمر وشتت أطفالاً، والآخر الذي وصل إلى حد القتل، ومنهم من أوصله إلى السجن المؤبد أو القصاص، وبعضهم وصل إلى الثأر والدم .
وهناك من فقد أجمل حبيب وأوفى صديق وهناك من فقد أمواله الطائلة أو منصبه فالخسارة لا تعد ولا تحصى.
بسبب ذلك الوحش لحظة منه سيطرت على النفس فأخذها بكبريائه الكاذب، وهنا تكون كلمة آسف أو أعتذر، طريق من طرق الضعف، فحقاً ما أصعب النفس الأمارة بالسوء، تأمر بلحظة ولا تعنو بسنوات فهي تظلم حتى نفسها وتصل بها إلى طريق مغلق مسدود.
فليت الإنسان يفيق من هذا السبات والعبودية لنفسه الأمارة بالسوء.
وليته ينظر إلى غده المشرق كلما نظر إلى لحظة استعبدته وأضعفته وسلبت منه القوة والكرامة والانتصار. فهل ننكر أن الغضب أخاً للكفر.
فهو يبيح في شرعه كل كبيرة حرمها الله وتهلكه وتجعلها ملكاً لها.
قال صلى الله عليه وسلم: ( ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب ).
فهلا ملكنا أنفسنا عند الغضب ؟!.
أرجو ذلك وأرجو أن نفهم ونعي قول الإمام علي ( الغضب نار القلب ) وقال: ( كثرة الغضب تزري بصاحبه وتبدي معايبه ).
الغضب نار موقدة من كظمه أطفأها ومن أطلقه كان أول محترق به.
أما عن الغضب المحمود أو الإيجابي فهو ما كان لله ومن أجل الله وإذا انتهكت حرمات الشرع والانتصار لدين الله .
فهذا هو المحمود ورغب فيه الله عز وجل، وديننا جاء لتهذيب وتربية النفوس والمشاعر وتنقيتها وجعل لها ضوابط.
ووضح الأطباء أن الغضب يؤدي إلى تجلط الدم وارتفاع الضغط وزيادة سرعة النبض وضربات القلب وزيادة إفراز العرق .
ومن علاجه التعوذ بالله من الشيطان الرجيم، والسكوت، وتغيير المكان، والوضوء، لأنه نار والماء تطفيء النار.
وأخيراً ( من غضب منك ولم يفعل فيك شراً اختره صاحبك فإن الغضب يفضح طينة البشر.