الكاتبة - د. هند العلي - المدينة المنورة
أخصائية رعاية مركزة
عندما يتعرض أحد افراد أسرتك إلى وعكة
صحية، ولربما أنت تعرضت لها، ولزم حينها أن تمكث في المشفى في قسم الرعاية المركزة،
هل هذا أمر هين عليك كمريض، مما لا شك في الأمر أنه غاية في الصعوبة صعب جداً أن
تترك قريب لك بحالة صحية صعبة في مكان لا تألف فيه أحد مع الناس غالباً، ما يبدو
على وجوههم العبوس والتعب من أهوال ما يعيشون فيه وما يواجهونه من أحداث.
عندم نسلط الضوء على المريض في هذا المكان المرعب (الرعاية المركزة) حيث أصوات الأجهزة وأصوات توحي دوماً بالحذر، المريض بملابس خفيفة متصلة بها الأسلاك والأنابيب، ويوحي له الجو العام بالخطر والرعب.
بالإضافة إلى أن المريض محاط بمجموعة من الناس الأغراب الذين تعودوا على أنهم دوماً ما يتعاملون مع المرضى في الرمق الأخير، وينظر دوماً بترقب وحذر وعليه علامات الاستفهام، وأصوات قلبه تتسارع مع أصوات الأجهزة ويتمنى ويرجو من الله متى أخرج من هنا.
أما من منظور فريق العمل في العناية المركزة وفي هذا المكان حيث أعتدنا كأطباء وفريق العمل بهذا القسم، على صوت الأجهزة وتعودنا عليها، كما أن أعيننا اعتادت على مراقبة الشاشات، ودائماً ننظر بمراقبة حتى أصبحنا كأطباء نميز أصوات الأجهزة الطبية، مع تغيير التون، استطاعت أذننا من تعود الاستماع إلى أن تميز بين درجة الخطورة، والدرجة الاعتيادية من درجة الصوت فلا ابالغ أن قلت لكم أن هذا الصوت يظل في أذني حتى في بيوتنا ومتلازمة معي لا ابالغ أن قلت لكم أننا كأطباء يمكن أن نرى في الليلة الواحدة حالتين إن لم تكن أكثر من حالات الوفيات، وقد اعتادت أعيننا على مشاهد الموت وأن بدأ عليك الحزن العميق ربما اتهمك الجميع إنك صغير السن أو حديث الخبرة.
كما أفيدكم أن مع كل حالة في الرعاية المركزة
هناك قصة جديدة من الوجع والأمل قصة من ترك المشاعر والتعامل بمنتهى المهنية حتى
تستطيع مساعدته وربما ساعات أتألم بشده لأننا في الأول والأخير بشر لنا من القصص
وبعض القصص شبيه بنا مؤكدة إننا جميعاً نتألم إذا لم نوفق في إنقاذ أحدهم، ولكن طرق
الرعاية والعلاج مختلفة من طبيب إلى آخر، البعض يتألم في صمت والآخر يبكي وهو قليل
والأخير يصاب بالعصبية مع أهله أو أصدقائه وربما نفسه لا يدرك لما أنا بهذه
العصبية.
على الجانب الآخر من حياة هذا الطبيب
مشاكل وربما أزمات فهو إنسان في الأول والأخير ولكن قدره أن أصبح طبيب في الرعاية
المركزة، وقصص المرضى ولا سيما أنه لكل مريض قصة تترك فينا من الأحداث والعلامات
مكان سلبي لأقصى درجة والإيجابيات فيه معدودة لدرجة لا يمكن نسيانها وربما هي السبب
في بقاؤنا إلى يومنا هذا بعد فضل الله.
اماً عن
الأقارب فهم افراد يأتون إليك في قمة التوتر والألم ومطلوب منك بجميع آلامك وضغوطك
أن تدركهم أن تدرك إنك طبيب توضح لهم الأمور أتكلم عن شفافية مطلقه وكلمات لساعات
كثيرة، يتحتم عليك دوماً أبلغهم بحقائق مؤلمه ومطلوب منك ضبط النفس إلى أقصى درجة
واستيعابهم والسيطرة على الموقف وإلا فلن تحمد عقباك.
أوكد لكم أن الفريق الطبي في
الرعاية المركزة يعاني معاناة شديدة، وأنا كطبيبة يعجز الكلام عن وصفي لهم، وبقلمي
هذا أوجه التحية والتقدير والعرفان إلى جميع الأطباء العاملين في قسم الرعاية
المركزة ولا ننسى فريق التمريض، والعمالة، سائلة من الله تعالى لهم في هذه الأيام
المباركة التوفيق والسداد والأجر من رب العالمين.
كما أرسل رسالة حب ودعوة الشفاء إلى جميع المرضى
ممن يتلقون العلاج في هذه الأماكن كما أوجه رسالة مواساة ودعم إلى جميع الأسر
وأقول لهم اوصيكم بتقوى الله في الأطقم الطبية ودعمهم بقدر ما استطعتم ولا حرج
عليكم ونحن جعلنا الله سبباً.
المريض فهو حبي وفخري وهو الذي أعتني
به بكل ما اوتيت من قوة، وهو الذي أزرع به الأمل وأسلك جميع الأسباب وأترك النتائج
لرب الأسباب.